تقرير حقوقي يرصد «39 حالة انتحار» خلال شهر مارس الماضي
رصد تقرير حقوقي تزايد حالات الإنتحار في مصر بشكل واضح خلال السنوات الماضية، مرجعاً ذلك لعدد من الأسباب المختلفة، مشيراً إلى أنه رغم التحريم الديني لفكرة الإنتحار ذاتها، إلا أن هناك عدد من الظروف الإجتماعية والإقتصادية المختلفة والتى تؤدي لعدم قدرة الكثيرين على تحمل أوضاعها الإجتماعية والإقتصادية المتردية، كما رصد «أمس» التقرير الصادر عن المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، «39 حالة انتحار» خلال شهر مارس ،من خلال رصده لعدد من المواقع الصحفية خلال تلك الفترة .
وقال«شريف هلالي» المدير التنفيذي للمؤسسة أن هناك 16 محافظة شهدت حالات إنتحار خلال شهر مارس 2019، كانت أعلاها محافظتي الدقهلية، والبحيرة بمعدل 8 حالات إنتحار بكل منها بنسبة 20.5% لكل منهما، يليها محافظات القليوبية ،وكفر الشيخ بمعدل 3 حالات في كل منها بنسبة 3.7 %، في المركز الثالث جاءت محافظات القاهرة، والجيزة، والشرقية، والفيوم ،وسوهاج، بمعدل حالتين في كل منها بنسبة 5.12%، وفي المركز الأخير تأتي محافظات الإسكندرية ،والغربية، والمنوفية، وبني سويف، والمنيا، واسيوط، والبحر الأحمر، بمعدل حالة إنتحار في كل منها بنسبة 2.56 %، بينما جاء الإنتحار الأعلى للذكور بمعدل 30 حالة بنسبة 76.9 %، والإناث بمعدل 9 حالات بنسبة 23 %.
وذكر التقرير أن أغلب الإناث استخدمن وسيلة تناول قرص سام بمعدل 4 حالات، ثم الإلقاء في الترعة بمعدل حالتين، ثم الشنق والإنتحار من مكان عال بمعدل حالة واحدة لكل منهما، وهناك حالة غير معروف كيفية إنتحارها، بينما كانت وسيلة الإنتحار المفضلة للذكور هي الشنق بمعدل 17 حالة، يليها تناول لقرص سام لحفظ الغلال أو مادة سامة بمعدل 8 حالات، يليها إطلاق النار على النفس، وإشعال النار بمعدل حالتين لكل منها، وفي الأخير الإلقاء في الترعة بمعدل حالة واحدة.
ورصد التقرير وجود حالات انتحار مزدوجة بمعني انها تتم لزوجين في نفس الوقت ،وهو ما تم رصده في حالة في الدقهلية، حيث تم رصد قيام زوج بالانتحار تبعته زوجته بقرص سام بسبب الخلاف بين رغبة الزوج وهو شقيق لزوجها السابق، بتحويل زواجهما العرفي لرغبتهما بالحفاظ على معاش الزوجة إلى زواج رسمي .
ورصد التقرير حالة انتحار في سوهاج سبقها قتل الزوج لزوجته أولا بإطلاق النار عليها، ثم انتحاره بعدها بسبب خلافات زوجية. كما رصد التقرير وجود حالتي انتحار في أماكن غير متعارف عليها، مثلاً تم العثور على موظف مشنوقا داخل وحدة محلية في محافظة الشرقية، كما عثر على جثة حداد مشنوقاً ومعلقاً داخل أحد المساجد بقرية بالمنوفية.
ولفت التقريرإلى أنه وفيما يتعلق بوسيلة الانتحار، كان الانتحار بالشنق هي الوسيلة الأكثر انتشاراً، في حالات الانتحار بإعتبارها الأسهل باجمالي 18 حالة بنسبة 46،15 %، يليها الانتحار بتناول قرص سام مخصصة للغلال أو مبيد حشري، وهي الوسيلة الأكثر انتشاراً في الريف المصري بمعدل 12 حالة بنسبة 30.76 %، وفي المرتبة الثالثة يأتي الانتحار بالإلقاء في الترعة أو نهر النيل بإجمالي 3 حالات بنسبة 3.7 %،، بعدها تأتي حالات الانتحار بإشعال النار بمعدل حالتي انتحار بنسبة 5.12%، وفي المركز التالي تأتي قيام المنتحر بإطلاق النار على نفسه، بمعدل حالة انتحار واحدة، بالتساوي معها تأتي وسيلة الانتحار بالإلقاء من مكان عال بنسبة 5.12% .
ونوه التقرير إلى أن المفاجأة في التصنيف المهني للمنتحرين، أكدت أن النسبة الأعلى كانت للطلاب سواء في المرحلة الثانوية أو الاعدادية بمعدل 11 حالة بنسبة 28.2 %، حيث بلغت حالات الانتحار لطلاب الاعدادي 6 حالات، ولطلاب المرحلة الثانوية 5 حالات، وهذا يمثل علامة استفهام فما يخص الأسباب التي تؤدي إلى تفكير هذه الشريحة السنية الصغيرة في الانتحار وإنهاء حياتها .
وأوضح التقرير أن هذه الإحصائية تتماشى مع دراسة لوزارة الصحة المصرية والتى كشفت عنها وسائل الإعلام في أبريل الماضي، حيث أجريت على عينة من 10 آلاف و648 طالبًا وطالبة، تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عامًا، واتضح أن 21.5 بالمائة من طلاب المرحلة الثانوية في مصر يفكرون بالإنتحار، فيما يعاني 29.3 بالمائة مشاكل نفسية بينها القلق والتوتر والاكتئاب، و19.5 بالمائة بلغوا حد إيذاء النفس، بينما لجأ 33.4 بالمائة من عينة الطلاب للعلاج لدى طبيب نفسي، و19.9 بالمائة لجأوا لصيدلي، و15 بالمائة لجأوا لنصائح الأصدقاء .
وأشار التقرير إلى أنه لم تذكر الدراسة سبب تفكير هؤلاء الطلاب في الانتحار، غير أن أغلب الأسر المصرية تمارس ضغوطًا على الطلاب في المرحلة الثانوية، في إطار السعي للحصول على أعلى مجموع يؤهل الطالب للإلتحاق بالكلية التي يرغبها، وهو ما يصيب بعض الطلاب بأمراض نفسية، لافتاً إلى أنه من وقت إلى آخر تشهد مصر محاولات انتحار، ينجح بعضها، لأسباب إقتصادية وعاطفية، في حين جاءت في المرتبة التالية ربات المنزل بمعدل 6 حالات، ثم «العمال» بمعدل 5 حالات، يليها مهنة السواقة، والحدادة، والمزارع بمعدل حالتين لكل منها، وجاء التصنيف المتبقى (مكوجي، حلاق، خفير نظامي، موظف) بمعدل حالة واحدة في كل منها، وتم رصد 7 حالات مهنها غير معروفة .
ولاحظ التقرير أن الأغلبية من المنتحرين هي للمتوسط العمري من 15 ـ 25 عاما، والمرحلة العمرية من 25ـ 35 عاما حيث بلغت 10 حالات في الشريحة الأولى، و11 حالة في الشريحة الثانية بإجمالي 21 حالة بنسبة 53.84، وهذا يتماشي مع ما ذكره كتاب «شهقة اليائسين» للكاتب الصحفي «د. ياسر ثابت» الذي يرصد حالات الانتحار في مصر والوطن العربي، كشف عن أن الفئة العمرية الأكثر إقبالاً على الانتحار في مصر هي ما بين 15 و25 عاما، حيث تبلغ نسبتهم 66. 6 في المائة من إجمالي عدد المنتحرين في كل الفئات .
ورصد التقرير في الترتيب التالي الشريحة من 45 ـ 55 بمعدل 6 حالات بنسبة 15،38 %، يليها الشريحة الأقل من 15 سنة بمعدل 4 حالات بنسبة 10.25 %، في الترتيب التالي تأتي الشريحة من 35 ـ 45 بمعدل 3 حالات بنسبة 3.7 %، وبنفس المعدل في الشريحة من 55 ـ 65 حيث بلغت عدد حالات الانتحار 3 حالات ومعظم حالات انتحار الرجال في هذه المرحلة العمرية ترجع إلى الظروف الإقتصادية وعدم القدرة على الإنفاق على الأسرة، بالإضافة إلى حالتين غير معروف المعدل العمري لكل منهما .
وأوضح التقرير أن أسباب الانتحار تعددت خلال هذه الفترة حيث وصلت إلى 11 سبباً، وفي الترتيب الأول جاءت الأزمات النفسية وهي السبب الأساسي للانتحار في مصر بمعدل 14 حالة بنسبة 35.9 %، يليها الأمراض والأضطرابات النفسية بمعدل 7 حالات بنسبة 17.94 %، في الترتيب الثالث تأتي الخلافات الزوجية والأسرية بمعدل 5 حالات بنسبة 12.82 %، يليها أسباب خاص بلوم الآسرة للأطفال لعدم الإهتمام بالدراسة، والإنشغال في اشياء أخرى، سواء مشاهدة التليفزيون أو غيرها بمعدل حالتي انتحار بنسبة 5.12 %، كما تأتي أسباب أخرى منها انتحار طفل بسبب سفر الوالد للخارج لفترة طويلة، وانتحار اب بسبب معايرته بسوء سلوك الأبنة، وانتحار طالب بسبب سحب التليفون المحمول من آسرته، وانتحار آنثي بسب استئصال ورم سرطاني من الثدي وفشلها في الزواج، كما تم رصد حالة انتحار بسبب تنمر الزملاء لشاب بسبب فقدان جزء من اصابعه، كما كانت ظروف الآسرة المعيشية الصعبة سبب آخر لانتحار إحدى هذه الحالات، والفشل في الحصول على عمل سبباً لانتحار شاب أخر، في حين أن هناك 5 حالات لم يتم معرفة السبب الخاص لانتحارهم .
ورصد التقرير ان اغلب المنتحرين كانوا غير متزوجين بعدد 21 حالة بنسبة 53.84 %، بينما كان عدد المتزوجين 11 بنسبة 28.2 %، وهنناك 7 حالات لم يتبين حالتهم الاجتماعية.