عرب

مساحة إبداع .. إحياء حياة

بقلمـ  آلاء الرفاعي.

ما الحياة إلا فلسفة .. خُلقنا لتدارُسها !

أستلقيا علي النجيل الخاص بحديقة منزلهم، متعانقي الكفين تحتضن جفونهم سماء منزلهم الخاص.
– قالت بنفس حالتها ووجهها مُزين بابتسامتها الجذابة : ممكن اسألك سؤال؟ بس حاول تجاوبني !
لم يعقب كأنه يعلم ما تنوي قوله.
– فنظرت له خلسه ثم قالت بتأني : لماذا نُسب الحب للقلب ؟!
– أفلت يده ونهض فجأة وهو يقول : تاني يا أروي ! حبيبتي احنا مع بعض من 4 سنين، مفيش لحظة رومانسية عشناها إلا وتسأليني السؤال ده !
ثم تابع وهو ينغزها برفق : بلاش الفلسفة اللي هتضيعك دي !
– قالت ومازالت تنظر لسمائها بتلك البسمة : الحياة فلسفة اتخلقنا عشان نفهمها.
– أقترب منها وقال وهو يتحسس خصلات شعرِها بأنامله : دماغك دي اللي شدتنى ليكِ.
أشرقت شمسٌ جديدة مرصعة بخبايا القدر .. وكأنه يتخذ الغد سِتارًا له !
نهضت من نومها الهادئ ولم تجده بجانبها بل لم تجده بكافة أرجاء المنزل!
سرعان ما سمعت دقات هاتفها فهرعت إليه لتجده يُعلمها بسفره المفاجيء التابع لعمله وأنه سيعود في صباح الغد بمشيئة الله.
لعلها هدأت قليلاً رغم قلقها المبالغ فيه دائمًا !
منذ صِغرها وهي تعشق الفلسفة .. وعلي إثرها عشقت مقولة محي الدين اللباد :
“يبدو أننا لا نرى الكثير مما حولنا في الدنيا لأننا لا نتأملها.”
لم يكن يعلم أحد قط بإيمانها بتلك المقولة ولا حتي هو ! ورغم ذلك كانت هي ما نقش داخل *القلادة* ؛ تلك أول شيء أهداها إياه بأول عيد ميلاد لها يجمعهما.
فما أجمل تخاطر الأرواح وما أروع الأصداف.
وقفت أمام زجاج الغرفة والدموع تملأ مقلتيها ! تحضن بكفها اليسري تلك القلادة المعلقة بعنقها
وتستند بكفها اليمني علي هذا الزجاج اللعين (العناية المركزة) !
لم تصدق حين جاءها النبأ في منتصف الليل .. فهرعت للمشفي وعَلمت من أصدقاء العمل أنه أُنجز سريعاً لذلك فضل هو العودة ليلاً لمفاجأتها. ويا ليته !
لطالما أخبرته أنها لا تحب المفاجآت فإعتقادها أنها دائمًا تحمل بين طياتها المصائب.
أفاقت من شرودها علي صوت مُمرضة تُخبرها بطلب زوجها لها .. فأُعدت لتَخطي أول شيء يفصلهما منذ أربع سنوات .
كأنه حُلم .. بل كابوس مُريع.
أحتضنت كفه بكفيها وأطلقت لعَبراتها العنان ..
– عندما أَنسها أبتسم بوهن مع محاولة شاقة لتلفظ لسانه فقال بتأني : عارف أنك مبتحبش المفاجآت، أسف.
وضعت أناملها علي شفتيه تحثه علي الصمت لسلامته .. فقبَلها بهدوء.
– وأكمل بوهنه محاولًا الدعابة : بيقولك القلب أتسمي بالقلب لأنه متقلب .. أعتقد إن الحب أتنسب له لأنه كمان متقلب ومتفاوت في درجاته، ثم أكمل برومانسية : لأن حبي لكِ بيزيد كل ساعة لدرجة أنه عدى العشق !
تنهد وتتضاعفت عَبراتها .. فضغط علي كفها بكل قوته حينها، ثم تلاشت دقاتَهُ.
كأن جفنيها جفا وكأن عَبراتها نفذت، كأن الزمان توقف .. وكأنها كالجبل لم تُدمع لم تنهار لم تَسقط حتي شعرة !
ظلت ثاوية بجانب قبره لساعاتٍ طوال، وحيدة صامدة ..
وفجأة، أنتبهت لسكون آلة حادة بجانبها –كأنها تنتظرها- فهرعت إليها كالغريق !
ليجول بخاطرها إجابة ظلت طيلة حياتها تبحث عنها .. لا تعلم لماذا الآن ولا تدرك مدى صحتها .. لكنها على يقين أنها الحق.
فما كان منها إلا أن نَقشتها على سكنهم الدائم.
لتكتب بقوة وثبات :
“نُسب الحب للقلب لأن القلب أداه تضخ الدم للجسد لكي تستمر حياته
تمامًا كالحب يضخ السعادة للروح كي تستمر حياتها.”
فنعم الحبْ القلبْ ونعم الحياة الفلسفة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى