محمد بن زايد وملك الأردن يشهدان محاضرة حول مستقبل طب الأطفالفي العالم
فاطمة بنت مبارك تتبرع بـ 60 مليون جنيه إسترليني لأبحاث الأمراض النادرة للأطفال
بوبي غاسبر:
6 آلاف مرض نادر تم تسجيلها خلال الفترة الماضية
30% من المصابين بالأمراض النادرة يموتون قبل سن الخامسة
مانجو كوريان:
العلاجات الجينية نقطة تحول في مستقبل طب الأطفال في العالم
أبوظبي:
أكد البروفيسور بوبي غاسبر – أحد الروّاد في مجال أبحاث العلاج الجيني خلال العشرين عاماً الماضية والخبير العالمي في مجال أمراض نقص المناعة – إن العالم بدأ فعلياً في الابتعاد التدريجي عن العلاجات التقليدية المعتمدة على الأدوية والحبوب والأسلوب الموحّد في العلاج، لافتا إلى أنه وعلى الرغم من أن هناك 4 علاجات جينية معتمدة في أمريكا وأوروبا في الوقت الحالي إلا أن هناك عشرات العلاجات الجديدة في طريقها إلى الاعتماد والتعميم على مستوى العالم في الوقت القريب، وذلك خلال محاضرة شهدهاصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة والملك عبدالله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، مساء اليوم حول مستقبل طب الأطفال في العالم بعنوان “إحداث تغيير شامل في طب الأطفال في العالم” بمشاركة البروفيسورة مانجو كوريان أستاذة علم الأعصاب بكلية لندن الجامعية، وذلك في مجلس قصر البطين.
وعبر المحاضران في بداية حديثهما عن شكرهما لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة لتبرعها بمبلغ 60 مليون جنيه إسترليني لصالح مركز زايد لأبحاث الأمراض النادرة لدى الأطفال في لندن.
وأكدا أن المركز سوف يتم افتتاحه في شهر يوليو القادم، وهذا التبرع سيسهم في إحداث نقلة نوعية على مستوى طب الأطفال في العالم، حيث سيتمتعزيز الأبحاث العلمية الخاصة بالعلاجات المبتكرة والعلاجات المعتمدة على علم الجينات وزراعة الخلايا، وتوفير أحدث المختبرات والتقنيات الطبية الحديثة والتي ستمكّن الباحثين والأطباء من تطوير علاجات جديدة رائدة للأمراض النادرة والمعقدة.
وأوضحا أن مركز زايد لأبحاث الأمراض النادرة لدى الأطفال يعد ثمرة للشراكة القائمة بين مستشفى جريت أورموند ستريت في لندن، وكلية لندن الجامعية ومؤسسة مستشفى جريت أورموند ستريت الخيرية للأطفال، مؤكدين أنه من المقرر أن يستقطب المركز مئات الأطباء والباحثين لإيجاد علاجات جذرية للأمراض النادرة والمعقدة لدى الأطفال.
وأكد البروفيسور بوبي غاسبر – أستاذ طب الأطفال وعلم المناعة في معهد غريث أورموند لصحة الطفل بكلية لندن الجامعية – أن الدعم الذي تقدمه دولة الإمارات سيسهم في تقريب العالم من مواكبة التطورات التي يشهدها القطاع الطبي عبر دعم الأبحاث والعلاجات الرامية لإيجاد طرق مبتكرة لمعاجلة الأمراض، فيما سيوفر دعماً للاختراعات والعلاجات المبتكرة والمئات من براءات الاختراع التي من شأنها تغيير شكل العناية الطبية للأطفال في العالم، مع مراعاة الجانب الاستثماري الذي سيعاد استثماره لتعزيز متطلبات تطوير العلاجات المرتبطة بأمراض الأطفال.
وقال البروفيسورغاسبر إن 6 آلاف مرض نادر تم تسجيلها خلال الفترة الماضية منها 70 % تؤثر بشكل مباشر على الأطفال، مشيراً إلى أن نسبة 80% من تلك الأمراض تمتلك أصولا جينية، كما أن 30% من الأطفال المصابين بالأمراض النادرة في العالم يموتون قبل سن الخامسة.
واستعرض المحاضران حالات معقدة وفرت العلاجات الجينية والعلاجات المرتبطة بزرع وتعزيز الخلايا في علاجها بشكل مبهر، حيث استعرض البروفيسور غاسبر حالة لطفل إماراتي يدعى حارب يتلقى العلاج في لندن بعد معاناته من خلل جيني في مستوى “الدوبامين”، مشيراً إلى أن الفريق المعالج يعمل على إنتاج علاج جيني خاص بتلك الحالة لاستبدال العيوب الجينية.
وأجرى فريق البروفيسور غاسبر أول علاج جيني في العالم في سنة 2001، على طفل مولود بمرض “عوز المناعة المركب الشديد” حيث لم يتطور لديه جهاز المناعة بشكل صحيح، فأصبحت حتى الأمراض البسيطة كالزكام تهدد حياته، وتضمن العلاج المبتكر الجديد إدخال نسخة صالحة من الجين المعيب في خلايا الطفل، وبعد بضعة أسابيع بدأ جهاز المناعة لديه يعمل، وبلغ الآن السابعة عشرة من العمر وهو يتمتع بصحة جيدة.
ومنذ ذلك الحين واصل البروفيسور غاسبر وفريقه تطوير علاجات جينية جديدة لعدد من اضطرابات نظام الدم الأخرى، حيث قدّموا علاجات غيرت حياة أكثر من 60 طفلاً. وقد عمل فريقه أيضاً على تطوير علاجات وراثية مهمة من الجيل التالي لحالات أخرى مثل سرطان الدم المقاوم للعقاقير.
من جهتها أشارت البروفيسورة مانجو كوريان خبيرة اضطرابات الحركة في مرحلة الطفولة، بما في ذلك خلل التوتر “الدستونيا” ومتلازمة باركنسون “الشلل الرعاشي”، إلى أهمية الوعي التام بالفرص التي توفرها العلاجات الجينية وعلاجات الخلايا في شكل ومستقبل طب الأطفال في العالم.
وكانت البروفيسورة المسؤولة عن اكتشاف الجين الذي ساعد على التنبؤ بالأطفال المصابين بخلل التوتر “الدستونيا” في سنة 2017 عبر الاستفادة من “التحفيز العميق للدماغ”، وساهم هذا الاكتشاف الذي غيّر حياة الكثيرين في تطوير علاج فعال للغاية مكّن الأطفال المصابين من استعادة القدرة على المشي.
ويتمتع فريق البروفيسورة كوريان أيضاً بخبرة في اضطرابات الناقل العصبي، بما في ذلك “نقص الأحماض الأمينية العطرية ديكاربوكسيلاز”، حيث أصبح بالإمكان تخفيض مستويات المواد الكيميائية المهمة – الدوبامين والسيروتونين – لدى الأطفال المصابين. وهذا المرض الذي يحد من ممارسة الحياة بشكل طبيعي يؤدي إلى صعوبات شديدة في الحركة وتشنجات مؤلمة في الجسم. ويخطط فريقها الآن للمشاركة في تجربة سريرية يمكن أن تبطئ وتشفي هذا المرض، حيث تقوم هذه التجربة على إيصال العلاج الجيني مباشرة إلى دماغ المريض.
وخلال السنوات المقبلة، ستعمل البروفيسور كوريان وفريقها على تطوير هذا المجال البحثي من أجل اكتشاف طرق جديدة في العلاج الجيني لأمراض التنكس العصبي لدى الأطفال ومتلازمة باركنسون، حيث لا توجد حالياً أي علاجات لهذه الأمراض.
وقالت البروفيسورة كوريان ” إنه لشرف كبير أن نتحدث أنا والبروفسور كوريان في محاضرة مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والمساعدة في تحقيق فهم أعمق للأمراض النادرة والمعقدة لدى الأطفال، وسيتيح لنا العمل في مركز زايد للأبحاث الإسراع في اكتشاف وتطوير علاجات ناجعة للأمراض كي ينعم الأطفال في كل مكان بحياة أفضل وأطول“.